جامعة أحمد دراية - أدرار
الجامعة الإفريقية سابقا

احتفالية السبوع بتيميمون… الرمزية الدينية والأبعاد الثقافية

هي تظاهرة دينية وثقافية واجتماعية واقتصادية تقام كل سنة بمنطقة تيميمون، احتفالاً بمرور أسبوع على ذكرى ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يصادف يوم 12 ربيع الأول من كل سنة،

 

وترتبط هذه المناسبة بذكرى الولي الصالح سيد الحاج بلقاسم المولود حوالي 921ه/1515م فــي بلــدة “اوســيف”، درس في مسقط رأسه ثم سافر إلى المغرب أين درس هناك وأخذ الطريقة الجزولية الشاذلية على يد الشيخ علي بن إبراهيم، الذي أذن له بالعودة لمنطقة قورارة وتأسيس زاويته التي أصبحت منارة للعلم وإكرام الضيوف، وعرف عن الشيخ أيضاً أنه كان شيخاً لركب الحج النبوي الشريف بمنطقة قورارة، من أهم مؤلفاته: “منظومة في التوحيـد”، “منظومـة فـي مـدح الرسول صلى الله عليه وسلم”، “منظومــة فــي معجــزات صلى الله عليه وسلم”، و”ميميــة في التوســل”.

أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) “سبوع المولد النبوي” بقورارة ضمن قائمة التراث الثقافي الإنساني الغير مادي، وفقا لما أعلنته المنظمة خلال الدورة ال10 للجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي بالعاصمة الناميبية (ويندهوك)، بحضور ممثلين عن 175 دولة. وتعتبر مناسبة السبوع تظاهرة دينية واجتماعية وثقافية، بالإضافة الى كونها أسبوع اقتصادي بمنطقة قورارة بالجنوب الغربي الجزائري.

هناك روايات كثيرة في تفسير بدايات هذه المناسبة منها:
ـ أولاً: أن بداية هــذا الاحتفـال كـان علــى يـد الــوالي الصالح سـيد الحـاج بلقاسـم الـذي كان شغوفا بمحبة المصطفى صلى الله عليه وسلم ولهذا قرر استحداث هذه المناسبة، ولما استخار الله في ذلك جمع أعيان وعلماء قورارة وأخبرهم بما يريد فأجازوه وفي الضحى كان نائما فرأى الرسول في المنام يقر ذلك، وهو يقول له:  “اشـترط يـا أبـا قاسـم والله هو الوافي” فأخذ الشيخ يدعو قائلاً:
–   أنا وأولادي في حرمة الله، وحرمتك.
–    طلبت الله أن يعطيني قوة لأحملك على كتفي وأطوف بك بـين الخلائق يوم أسبوعك.
–    أطلب الشفاء لي ولأولادي ولأهل زاويتي ولجميع الحاضرين.
 –    نطلب الضمانة والحماية لكل الحاضرين.
ـ ثانياً: هناك رواية تفيد أن: الشيخ الحاج بلقاسم كان نائما فرأى الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وقـــال لـــه: “ستقيم لي حفلا في اليوم الســـابع لمـــيلادي، وستحضـــر لـــي وليمـــة (مـــد ونصـــف مـــن القمـــح المطحـــون تقـــدمها لأهلـــك والمدعوين والزوار”. فقام الشيخ من نومه فرحا واستدعى “بوشامية من بن غازي”، وسـيد الحـاج بومحمـد مـن تبلكـوزة، وقـال لهمـا ما رأى وبعد اجتماع ومشاورة تم الاتفاق على الاحتفال بالسبوع.

ـ ثالثاً: وهـي الرواية الأكثر تداولاً وشيوعاً وتنص على أن سيد الحاج بلقاسم كان في الحج رفقـة أصـدقائه وعنـد زيـارتهم لقبـر المصطفى صلى الله عليه وسلم ألقــوا عليــه الســلام فــرد علــيهم فاندهشــوا لــذلك واعتقد كل واحد منهم أن الرد كان على تحيته هو دون أصحابه ممـا أدى بهـم إلـى الاخـتلاف بيـنهم، فقـرروا أن يعيـد كـل واحـد مـنهم السـلام على المصطفى بمفـرده، ولمـا جـاء دور سـيد الحـاج بالقاسـم قـال:
“السـلام عليـك يـا حبيبـي ويـا شـفيعي يـا رسـول الله فـرد الرسـول قـائلاً: وعليـك السـلام يـا حبيبـي بلقاسم”، ومـن هـذه الحادثـة يقـال أن الشيخ سـيد الحـاج بلقاسـم قـرر عنـد عودتـه إلـى بـلاده وفـي الموسـم القـادم الاحتفـال بـذكرى أسـبوع المولـد النبـوي الشـريف وأن يكرمه أحسن تكريم إجلالاً واحتراماً له.

      يبدأ الاحتفال بالسبوع مع حلول شهر ربيع الأنوار في “حي الزرقة” بالقصر العتيق بتيميمون بإقامة زيارة “سيدي محمد او عبد الحي” وهو من سلالة سيدي موسى والمسعود التسفاوتي بقراءة القران المعروفة محليا بـ (الربعية) واقامة الحضرة في دار الزرقة على الطريقة الطيبية والاعلان عن بداية قراءة البردة للبوصيري في اليوم الاول ثم الهمزية وقبل المولد النبوي الشريف بثلاثة أيام تبدأ الاحتفالات بإقامة حفلات البارود بحي المنجور العريق،
وفي يوم 12 ربيع الأول تقام زيارة “لالة حيجة” وهي زوجة سيد الحاج بلقاسم ومن بني عمومته، تقول الروايات أنها كانت مرأة صالحة، فأصبحت “لالة حيجة” تبدأ الموسوم بالاحتفال بالمولد النبوي الشريف (يوم 12 ربيع الأول) والشيخ يختمه بإقامة السبوع (يوم 18 ربيع الأول). وفي يوم السبوع يلتقي السكان من قبائل مختلفة في مكان (ات-بالحاج) وتكون مشاحنات فلكورية من أجل الاستحواذ على حفرة الملعب، ثم يجتمعون في النهاية في مظهر تصالحي بقراءة الفاتحة عند دار الزاوية، في دلالة رمزية على التصالح بين قبائل قورارة في زاوية سيد الحاج بلقاسم.
أ.د. مبارك جعفري
قسم العلوم الإنسانية