محمد بوضياف (1919م-1992م)
ولد بوضياف محمد المدعو (السي الطيب الوطني) يوم 23 جوان 1919 بمدينة المسيلة،
ينحدر من أسرة تنتمي إلى عرش أولاد ماضي، وتعد عائلته من بين العائلات المعروفة بالمنطقة، بدأ حياته التعليمية بالكتاب بمسقط رأسه على يد شيخاه عمار بوضياف وعبد السلام بقة، وبعد أن حفظ ما تيسر من القرآن، التحق بمدرسة الأهالي وتخرج منها عام 1933 حائزاً على شهادة الابتدائية، واصل دراسته الإعدادية ببوسعادة وتوقف عند هذا الحد بسبب ظروف الاستعمار، قرَّر بعدها السفر إلى قسنطينة عام 1938 من أجل البحث عن منصب عمل، ليشتغل بمصلحة الضرائب كموظف، ثم جند في صفوف الجيش الفرنسي مما أكسبه خبرة ومهارة عسكرية وسياسية.
بداية عمله السياسي كانتبانخراطه في حزب الشعب المحظور عن طريق المناضل عبد الله فيلاني الذي اتصل به لهذا الغرض أثناء الحرب العالمية الثانية في الفترة ما بين (1943-1945)، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عاد بوضياف إلى منصبه بمصلحة الضرائب التابعة لولاية جيجل أواخر ماي 1945، وهو الشهر الذي ارتكبت فيه سلطات الاحتلال مجازرهاالرهيبة، هاته الأحداث التي كان لها الأثر البالغ في نفسية محمد بوضياف، الذي تأكد من ظلم وجور الإدارة الفرنسية وتعنتها، فاضطر إلى التخلي عن منصبه الإداري والانتقال فوراً إلى البحث عن الوسائل التي تضع حدّاً لهذا النظام المجحف، وفي هذا الصدد يقول: «لقد اتضح أنه بات من الضروري البحث عن وسائل فعالة لتحقيق الاستقلال».
وكانت أول هذه الوسائل هو تأسيس المنظمة الخاصة التي تم الإعلان عنها في المؤتمـــــــــــــــــــــــــــــــر الأول لحركة انتصار الحريات الديمقراطية عام 1947، وكان بوضياف من بين أعضائها البارزين، وتم تعيينه في منصب مسؤول عمالة قسنطينة. وبعد اكتشاف المنظمة الخاصة وحلها عام 1950 نجا بوضياف من حملة الاعتقالات التي شنتها سلطات الاحتلال، ودخل في حياة السرية دون قطع الاتصالات مع زملائه الفارين، وبعد أشداد الرقابة عليه قرّر السفر إلى فرنسا عام 1952، وشغل بها منصب مسؤول التنظيم بالاتحادية.
